وسط تعثر مفاوضات الإغلاق الحكومي.. البيت الأبيض يبدأ بتسريح آلاف الموظفين

وسط تعثر مفاوضات الإغلاق الحكومي.. البيت الأبيض يبدأ بتسريح آلاف الموظفين
تسريح الموظفين في الولايات المتحدة

أعلن البيت الأبيض، يوم الجمعة، بدء تنفيذ عملية تسريح واسعة لموظفين فيدراليين في خطوة وُصفت بأنها محاولة من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتكثيف الضغط على الديمقراطيين، بعد دخول الإغلاق الحكومي أسبوعه الثالث دون بوادر لانفراج سياسي.

وأكد روس فوت، مدير مكتب الإدارة والميزانية في إدارة الرئيس ترامب، أن العملية تشمل عدداً كبيراً من موظفي القطاع العام البالغ عددهم نحو 750 ألف موظف، ممن أُجبروا على إجازات غير مدفوعة منذ بدء الإغلاق.

وقال فوت إن تسريح الموظفين سيكون "كبيراً"، دون أن يحدد الأرقام الدقيقة أو الإدارات الأكثر تضرراً، بحسب ما ذكرت وكالة “فرانس برس”.

فوضى واحتقان حزبي

تأتي هذه التطورات في ظل تصاعد حدة الخلاف بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي حول تمويل الحكومة الفيدرالية، فبينما يصرّ ترامب على أن خفض الميزانيات وسيلة للضغط على الديمقراطيين، يتهمه خصومه باستغلال الأزمة لتحقيق مكاسب سياسية.

وقالت السيناتورة الديمقراطية باتي موري إن "الإغلاق لا يمنح ترامب صلاحيات استثنائية لإضعاف الخدمات العامة أو تهديد سبل عيش الناس"، معتبرة أن ما يحدث "امتداد لسلوك متهور شهدناه طوال العام الماضي في التعامل مع شؤون الدولة".

بدورها، أعلنت وزارتا الخزانة والصحة والخدمات الإنسانية بدء تسريح موظفين غير أساسيين، في حين ذكرت وزارة التعليم أنها تقلص كوادرها مؤقتاً بسبب توقف التمويل الحكومي.

رواتب عالقة وجيش بلا أجور

ومع استمرار الجمود السياسي، يواجه ملايين الأمريكيين أوضاعاً معيشية صعبة. فموظفو الحكومة الذين ما زالوا في مواقعهم يعملون دون أجر، في حين ينتظر 1.3 مليون عسكري في الخدمة الفعلية رواتبهم المستحقة الأسبوع المقبل، في سابقة لم تشهدها البلاد في تاريخ إغلاقاتها الحديثة.

وقال رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون في مؤتمر صحفي الجمعة إن "المزاج العام في الكونغرس كئيب، واليوم هو أول يوم يحصل فيه موظفو الحكومة الفدرالية على رواتب جزئية"، مشيراً إلى أن الضغط يتصاعد من القواعد الشعبية لإنهاء الأزمة.

وتجلّى الانقسام السياسي بوضوح خلال الأيام الأخيرة، بعد مشادات علنية بين قادة الحزبين أمام وسائل الإعلام، فقد تبادل زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب حكيم جيفريز والعضو الجمهوري مايك لولر انتقادات حادة وصلت إلى حد التلاسن الشخصي، في مشهد يعكس عمق الأزمة السياسية التي تعصف بواشنطن.

ويرى مراقبون أن حالة الفوضى السياسية الراهنة تعكس تصاعد الاستقطاب داخل المؤسسات الأمريكية، حيث تُستخدم القضايا الاقتصادية والاجتماعية أداة ضغط في صراع حزبي لا ينتهي.

ترامب يلتفت إلى الخارج

في الوقت الذي تتفاقم فيه الأزمة، لم يبد الرئيس دونالد ترامب اهتماماً كبيراً بالملف الداخلي، إذ ركز خلال الأيام الأخيرة على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وعلى إرسال قوات فيدرالية لقمع احتجاجات في مدن تسيطر عليها إدارات ديمقراطية مثل شيكاغو وبورتلاند.

وقال جيفريز في مؤتمر صحفي إن "الشعب الأمريكي سئم الفوضى والأزمات المتكررة التي تخلقها هذه الإدارة، في حين يعاني المواطنون من شلل في مؤسسات الدولة وتأخر في الخدمات والرواتب".

وأعلن مكتب إحصاءات العمل تأجيل نشر بيانات التضخم الرئيسية إلى الرابع والعشرين من أكتوبر، بسبب توقف معظم الأنشطة الحكومية، وقال المكتب إن التأجيل يهدف إلى تمكين إدارة الضمان الاجتماعي من الحفاظ على مواعيد دفع الاستحقاقات دون تأخير.

أكثر من 20 حالة إغلاق

يُعد الإغلاق الحكومي من أدوات الضغط السياسي في النظام الأمريكي، ويحدث عندما يفشل الكونغرس والبيت الأبيض في التوصل إلى اتفاق بشأن موازنة الدولة أو تمويل الوكالات الفيدرالية، وخلال العقود الماضية شهدت الولايات المتحدة أكثر من عشرين حالة إغلاق جزئي أو كامل، لكن معظمها لم يتجاوز بضعة أيام.

أما أطول إغلاق في تاريخ البلاد فقد وقع عام 2018 خلال إدارة ترامب نفسها، واستمر خمسة وثلاثين يوماً، ما أدى إلى توقف آلاف الخدمات العامة وتأخير رواتب نحو 800 ألف موظف، وغالباً ما تكون الإغلاقات انعكاساً لأزمات سياسية أعمق تتعلق بالضرائب أو الرعاية الصحية أو الإنفاق العسكري، وتترك آثاراً اقتصادية واجتماعية تمتد لأسابيع بعد انتهائها.

ومع استمرار الإغلاق الحالي وتبادل الاتهامات بين الحزبين، يخشى المراقبون من أن يؤدي التصعيد إلى أزمة ثقة داخل مؤسسات الدولة، في وقت يواجه فيه الاقتصاد الأمريكي تباطؤاً وتضخماً مرتفعاً يفاقم معاناة المواطنين.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية